نساء في العيادة النفسية لمريم مكرم
إسلاميكا :: القسم العام :: المنتدي العام
صفحة 1 من اصل 1
نساء في العيادة النفسية لمريم مكرم
نساء في العيادة النفسية
مقال تم نشره لمريم مكرم في مجلة صباح الخير
مقال تم نشره لمريم مكرم في مجلة صباح الخير
حتى سنوات قليلة مضت كان ذهاب المرأة أو الرجل إلى العيادة النفسية يعد أمرا مخجلا، وحتى إن تم ذلك كان يتم فى الخفاء دون الإفصاح عنه لأن الناس كانت تعتقد أن من يتردد على العيادة النفسية معناه أنه مريض عقلى أو مجنون .
ولكن مع زيادة الوعى والثقافة مؤخرا تبدل هذا الاعتقاد وأدرك الناس أن العيادات النفسية هي أيضا مكان للفضفضة والتحدث بصراحة فى كل الأمور حتى أدق الأمور الخاصة فى العلاقات الزوجية الحميمة ولطلب النصح والإرشاد من الطبيب حول كل ما يتعلق بالحياة الزوجية. فى الآونة الأخيرة زاد الإقبال على العيادات النفسية خاصة من جانب المرأة .
وأظهرت الإحصاءات أن عدد المترددين على تلك العيادات هم من النساء وبلغت النسبة نحو 60 إلى 70% ولكن التساؤل لماذا زاد إقبال النساء على العيادات النفسية هل لأن المرأة أكثر عرضة للاضطرابات النفسية نظرا لتكوينها البيولوجى ذى الإيقاع المتغير من طمث شهرى لحمل وولادة وصولا إلى أزمة منتصف العمر أو ما يسمى بسن اليأس وما يصاحب كل هذه التغييرات من مظاهر فسيولوجية وانفعالية ؟
هذه التساؤلات وغيرها هى التى دفعت الكلية الملكية للأطباء النفسيين فى إنجلترا للاعتراف بإنشاء فرع خاص للاضطرابات النفسية لدى المرأة وتشجيع مجموعة خاصة للقيام بالأبحاث اللازمة لهذا الشأن. وكان الاعتراف بذلك مبكرا أيضا من الولايات المتحدة الأمريكية حيث خصصت المجلة الأمريكية للطب النفسى عددين كاملين عن علاقة المرأة بالطب النفسى سواء إن كانت المرأة معالجة أم مريضة نفسية.
هناك اضطرابات نفسية كثيرة تصيب المرأة منذ سن البلوغ وحتى نهاية العمر ولعل أهم وأخطر اضطراب هو أزمة منتصف العمر أو سن اليأس وهو اضطراب نفسى لا تنجو منه غالبا ولا امرأة ولكنه يختلف فى درجاته ما بين امرأة وأخرى وهذه الأزمة تحدث فى كل النساء فى بداية الأربعينيات من العمر حين يكبر الأبناء وينصرفون لحياتهم وينشغل الزوج بمسئولياته، وتجد المرأة نفسها وحيدة فتستغرق فى التفكير فى ماضيها وتشعر بالأسى والأسف على أشياء فاتتها أو أشياء فعلتها ثم تنظر إلى حاضرها فتجده أقل بكثير مما كانت تحلم به فزوجها الذى عاشت معه لم يكن أبدا هو فارس أحلامها .
وأبناؤها الذين ضحت من أجلهم لم يحققوا طموحها ولم يشعروا بتضحيتها، وشبابها الذى كانت تعتز به بدأ يتوارى، وجمالها قد أخذ فى الذبول، ثم تنظر إلى المستقبل فتشعر بالخوف والضياع. وتختلف النساء فى مواجهتهن لهذه الأزمة فهناك نساء ناضجات يتقبلن الأمر بواقعية فتمر الأزمة بسلام، وفريق ثان يتحملن ويقاومن فى صمت ويخفين معاناتهن عمن حولهن ولذلك تظهر عليهن بعض الأمراض النفسجسمية، وفريق ثالث يفضلن الانطواء والعزلة ويزهدن فى الحياة أو ينصرفن إلى العبادة ويتسامين عن رغبات البشر ويشعرن بالصفاء والطمأنينة بالاقتراب من الله. ؟
الزلزال النفسى : تصاب المرأة أيضا فى أية فترة من فترات حياتها «غير المتزوجات بوجه خاص» باضطراب شديد يسمى بالزلزال النفسى وهو عبارة عن حالات مفاجئة ومزعجة جدا يأتى فى صور مختلفة أهمها الشعور بالاختناق وسرعة ضربات القلب أو هبوط مفاجئ فى القلب وكأنه توقف أو برودة وتنميل فى الأطراف وعرق غزير وضعف فى اليدين والقدمين مع الشعور بفقدان التوازن واحتمالات السقوط. ؟
ولكن كيف و متى تصاب المرأة بالزلزال النفسى ؟؟
بهذا التساؤل بدأت حديثى مع د.هاشم بحرى أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر فأجاب : أولا الزلزال النفسى للمرأة معناه عدم الاستقرار فى الحياة الزوجية وفقدان الأمان، وأود أن أشير هنا إلى أن إصابة المرأة بهذا الزلزال أصبح ظاهرة هذه الأيام وكثرت عدد المصابات به ..
فالزوجة بعد الزواج وإنجاب الأطفال تعيش حياة روتينية لتربية الأبناء وتحمل مسئولياتهم وحدها لأن الزوج غالبا ما يكون مشغولا عنهم بعمله دائما وأيضا يكون منشغلا عنها فلا يهتم بأحاسيسها ولابمشاعرها ولايشعرها بالحب والأمان وهو ما تحتاجه المرأة دائما بشدة خاصة على أعتاب مرحلة منتصف العمر كما ذكرنا .
وهناك حالة لزوجة أتت لى العيادة بالأمس مصابة بهذا الزلزال النفسى العنيف وسببه هو إهمال زوجها التام لها فهو لايقول لها كلاما عاطفيا ولايهتم بأى شىء يخص مشاعرها وأحاسيسها الخاصة، ومع ذلك كانت مستمرة فى الزواج وكانت مستقرة معه ولكنه استقرار سطحى، شكلى وصورى أمام الناس ولكنها كانت من الداخل هشة وتتمنى أن تجد شخصا يسمعها كلاما حلوا إلى أن ظهر هذا الشخص فى حياتها وكان صديق زوجها !
بدأ يتقرب منها أكثر وأكثر وبدأ يسمعها كلاما عاطفيا جميلا ويهتم بها وبمشاعرها فاستجابت له لأنها كانت تحتاج لذلك بشدة وبعد فترة بدأت تشعر « باللخبطة » وبمشاعر متناقضة هى سعيدة جدا بما تعيشه من حالة حب جميلة منعشة ممتعة لأن ذلك كان احتياجا قويا لديها ولكن فى نفس الوقت كانت تشعر بأن ما تفعله عيب وحرام وخيانة وإلخ من مسميات فاحتارت بشدة وعانت جدا وبدأت تقاوم فتعبت وتعذبت لأنها بدأت تشعر بعدم الراحة النفسية ولا بالاستقرار العاطفى فحدث لها هذا الزلزال النفسى العنيف وجاءت تشكو منه، وعلى فكرة النساء فى هذه الحالة غالبا ما يشكون ويستخدمن هذه الكلمة بالتحديد «زلزال يا دكتور» زلزال عنيف بداخلى .
وهو يكون زلزالا مدمرا بالفعل لأنهن يشعرن بالأرض تهتز بشدة من تحت أقدامهن ولا يقوين على الصمود ولا الوقوف عليها!! وما أبشع أن تصاب الزوجة بهذا الزلزال العنيف والذى يكون سببه دائما هو الزوج !! ؟ هل المرأة هى الأكثر ترددا على العيادة النفسية من الرجل ؟ وهل هن فى تزايد مستمر ؟
- نعم بوجه عام المرأة هى الأكثر ترددا من الرجل على العيادات النفسية وبالفعل أعدادهن تتزايد بشكل رهيب ! ؟ وما السبب وراء هذا التزايد ؟؟ -
هناك سببان وراء ذلك : أولا إن المشاكل النفسية المتوسطة القوة هى الأكثر انتشارا بين النساء، وثانيا المرأة دائما تأتى إلى العيادة بأبنائها المراهقين الذين يعانون من اضطرابات كثيرة فى فترة المراهقة كإدمان المخدرات والانحرافات الأخلاقية وحالات التمرد البشع على الأهل.. ونادرا ما يأتى الرجل معهم فالعبء كله على الأم وحدها حتى فى فترات علاج أولادها النفسى !!
أما سبب زيادة الاضطرابات النفسية المتوسطة لدى المرأة فيعود إلى شخصية الإنسان نفسه والضغوط المحيطة به بالنسبة لمصر والعالم العربى فإن المرأة غير مدربة على التعامل مع المشاكل ومواجهتها ولا تعرف كيف تتصرف فيها ولا تعرف حلها وهذا كله نتيجة تربيتها ونشأتها الخاطئة في مجتمعاتنا.
نحن نربي البنت على أن تكون فتاة وديعة مطيعة دائما لوالديها ونرفض أن تكون لديها شخصية مستقلة وقيادية وبذلك غالبا ما تكون الفتاة سلبية وضعيفة وبالتالى لما تتعرض فى حياتها فيما بعد لمشاكل وضغوط سواء من جانب الزوج أو فى محيط عملها تكون غير قادرة على التحمل ولا المواجهة ولا معالجة الموقف فتعانى وتكتم هذه المعاناة بداخلها. وبالطبع يكون دائما الزوج وراء كل هذه المعاناة بسبب علاقتها غير الناجحة وغير المستقرة معه !! ؟
لماذا كثرت المشاكل الزوجية الآن ولماذا لم تعد المرأة قادرة على التحمل وتعانى منها نفسيا بسرعة عن زوجات زمان ؟
- ممكن أن نشبه الحياة الزوجية بوعاء ضخم، زمان كان هذا الوعاء مملوءا بالمشاكل أيضا فلم يخلُ زمن مضى من المشاكل الزوجية ولكن فى الماضى كان هذا الوعاء يمتلئ بالتدريج فتحتويه الأسرة بسرعة ويبدأون فى تفريغه أولا بأول لأن الأسرة كانت مترابطة ويمتصون الأزمات بسرعة ويعالجونها مبكرا فلم تكن تصل أبدا الأمور إلى حد معاناة نفسية تحتاج لتدخل طبيب .
أما الآن فإن هذا الوعاء الضخم يمتلئ بالمشاكل وبسرعة نظرا لتغييرات العصر الذى نعيش فيه وللأسف معظم الأسر أصبحت مفككة ومنشغلة عن بعضها البعض، ولذلك لا تجدين من يهتم بتفريغ الوعاء أولا بأول من المشاكل التى تملؤه ولا يوجد أحد مستعد لامتصاص الأزمات فأصبح كل واحد يكتم المشاكل والمعاناة بداخله وخاصة المرأة لأن الرجل ممكن أن يتنفس ويخفف من عليه هذه المشكلات بخروجه مع أصحابه وجلوسه على المقاهى، أما المرأة فهى ملزمة بالجلوس فى المنزل لمراعاة الأبناء، ولذلك تجدين أن معاناتها أكبر .
أضيفى إلى ذلك مشاكل الأبناء المراهقين فى عصر العولمة والانفتاح الذى نعيش فيه وتجدين أن الأم بعد ما تربى وتضحى من أجل أبنائها ينحرفون رغم كل ذلك فى حين أن زمان الأم كانت لو اهتمت بتربية أبنائها بصورة صحيحة كانت تجنى ثمار ذلك وينجحون ويفلحون، أما الآن ممكن تربى ومع ذلك ينحرفون، وهذا أيضا يؤدى إلى معاناة المرأة النفسية بسبب إحساسها بالفشل. ؟ هل ذهاب المرأة إلى العيادة النفسية مجرد دلع ستات .. كما يتهمها البعض ؟
- فى المجتمع الذى نعيش فيه تجدين أنه من الصعب على المرأة أن تدافع عن شخصيتها وكرامتها وأحاسيسها، وهناك تقليل دائم من حقوق المرأة خاصة احتياجاتها النفسية والاهتمام بصحتها وقلة الاحترام الذى تلاقيه دائما من جانب الزوج كل هذا أدى إلى أنه عندما تعانى المرأة نفسيا من أية ضغوط وتطلب الذهاب لعيادة نفسية يتهمها زوجها والمحيطون بها بالدلع والترف وللأسف الزوج لا يدعم أبدا فكرة ذهاب زوجته لطبيب نفسى، ولذلك معظم الزوجات يأتين فى الخفاء بدون علم الزوج ؟
هل تختلف المشاكل النفسية للمرأة المتزوجة عن الآنسة ؟ وما هى أبرز المشاكل لكليهما ؟
- بالطبع هناك اختلاف كبير فى المعاناة النفسية ما بين المتزوجة والآنسة، مشاكل المتزوجة دائما يكون سببها الزوج وأهمها الإهمال وعدم احترامه لها، أو يترك على عاتقها كل مسئوليات البيت والأولاد ويتنصل هو منها، خيانته لها بعلاقاته ونزواته النسائية المتعددة، ومن الناحية المالية يمكن أن يبخل عليها ولو كانت تعمل يجبرها على أن تصرف مرتبها على نفسها .
تعانى الزوجة أيضا من اضطراب فى العلاقة الحميمة مع زوجها بسبب عدم وجود المودة والحب بينهما وغالبا ما تكون هناك خلافات بينهما كثيرة على مدار اليوم ويعاملها بلا مبالاة وبصورة غير محترمة ثم يأتى فى المساء ويطلب منها حقه الشرعى فإما تحدث بينهما العلاقة الحميمة بصورة ميكانيكية بحتة بدون أية مشاعر ولا حميمية، وإما أن تعزف الزوجة عن هذه العلاقة وترفضها تماما فيعيش الاثنان معا فى منزل واحد كالأخوين وممكن أن ينحرف هو بعلاقات نسائية خارج البيت .
أما هى فغالبا ما تكبت أحاسيسها وتمنع نفسها من الانزلاق فى حين تكون محتاجة هى بشدة لهذه العلاقة الحميمة فتبدأ فى المعاناة النفسية الشديدة وقد تصاب بالاكتئاب أو اضطرابات نفسية متنوعة. أما الآنسة فمعظم مشاكلها النفسية تكون عاطفية والظاهرة الغريبة الملحوظة بكثرة فى فتيات هذه الأيام هى أنها مذبذبة عاطفيا ومش عارفة هى عايزة إيه وتجدين البنت من دول بتحب ثلاثة أو أربعة شبان دفعة واحدة فى نفس الوقت وتحتار وتكون مش عارفة تختار مين فيهم!! فبعد أن كان الشبان فى الماضى هم أصحاب هذه المشكلة أصبحت الآن البنت .
أيضا أهم مشاكل البنت هو الصراع الذى يقع بينها وبين أهلها وعدم تقبل والديها لسلوكها ويفرضان عليها العديد من الممنوعات ممنوع تكلمى الشبان، ممنوع تتأخرى برة البيت بعد الساعة كذا، ممنوع تلبسى كذا أو تروحى فى مكان معين ويطلبان منها طول الوقت أن تكون مطيعة وتذاكر وتنجح فقط دائما هى تريد أن تشعر باستقلاليتها والثقة بنفسها وهما يحرمان عليها ذلك فتبدأ فى المعاناة النفسية ما بين إحساسها بذاتها وبين تحكم والديها فيها !! ؟
هل المرأة النكدية هى أكثر إصابة بالاضطربات النفسية ؟؟
أجاب د. هاشم قائلا : الشخص النكدى بوجه عام دائما ما ينظر لكل شىء بصورة سلبية فيكثر الشعور بالاكتئاب والحزن لديه وبالتالى تقل عنده كفاءة الجهاز المناعى والأبحاث النفسية أظهرت أن هؤلاء الأشخاص أكثرة قدرة وأسرع من غيرهم بالإصابة بالأمراض وأبسطها حتى مرض الأنفلونزا!! وأيضا يظهر على هؤلاء النكديين الأعراض النفسجسمانية وبالفعل تكون معاناتهم النفسية أكثر بكثير من غيرهم !! ؟
هل بكاء المرأة يعتبر تنفيسا عن مشاكلها ؟؟
- بالطبع البكاء يشعر المرأة بكثير من الراحة لأنه نوع من التنفيس عن المعاناة الموجودة بداخلها، ولكن إذا الضغوط النفسية زادت بشكل كبير فإن البكاء وحده لن يكفى لازاحتها وغالبا ما تحتاج المرأة فى هذه الحالة إلى تدخل من طبيب نفسى ليعالجها. ؟
وأخيرا ختمت حديثى مع د. هاشم بحرى وسألته : متى تلجأ المرأة للعيادة النفسية ؟؟
أجاب قائلا : بوجه عام كل إنسان بيتعرض للمشكلات والأزمات والضغوط وكل واحد بيحاول يحلها ويواجهها ويتخطاها بطريقته الخاصة سواء بتحملها فى صمت أو باستشارة أحد الأصدقاء أو القراءة فى كتاب معين يخص تلك المشكلة وغالبا ما تمر الأزمة بإحدى هذه الوسائل ولكن فى بعض الأحوال يفشل الإنسان فى ذلك وتتأزم الأمور أكثر وتتعقد ويصل إلى طريق مسدود، ومن هنا يجب أن يفكر فى الذهاب لطبيب نفسى لطلب الاستشارة النفسية اللازمة.
مقال تم نشره لمريم مكرم في مجلة صباح الخير .
المصدر : [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
إسلاميكا :: القسم العام :: المنتدي العام
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى